دردشة ومنتديات دموع الورد
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه وان كنت عضو الرجاء ادخال حسابك
دردشة ومنتديات دموع الورد
مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه وان كنت عضو الرجاء ادخال حسابك
دردشة ومنتديات دموع الورد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قراءة في مذكرات أرييل شارون

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 10:10 am

قراءة في مذكرات أرييل شارون

ليس من اليسير قراءة الأحداث الخطيرة على أرض فلسطين قراءة واعية دون الرجوع إلى سيرة رئيس وزراء إسرائيل الحالي (آرييل شارون) .

ومن أجل ذلك رجعنا إلى السيرة الذاتية (لآرييل شارون) التي حررها بالعبرية (دايفد شانوف) ونقلها من الفرنسية إلى العربية أنطوان عبيد، والمنشورة عام 1992 في بيروت في 766 صفحة . 


يقول (آرييل شارون) ولدت عام 1928 في القرية التعاونية (كفر ملال) على بعد خمسة وعشرين كيلو متراً إلى الشمال الشرقي من تل أبيب، حيث كان والديّ قد استقرا فيها عام 1922 .

لم أعرف علامات المودة في كنف عائلتي، فأبي (صموئيل) وأمي (فيرا) كانا من طينة مختلفة تماماً، كانا معروفين بطبعهما القاسي، فلم يكونا يفصحان أبداً حتى عن عواطفهما الأكثر جيشاناً، ومع ذلك كانا يكنان لنا، أختي (ريتا) وأنا، محبة عميقة، ولكن من دون أن يعبّرا عنها خصوصاً ببراهين حسيّة، والصفات التي قد ترسم صورة أهلي كانت القوة والعزم والعناد .

أما سكان (كفر ملال) فقد كانوا من الصهاينة العماليين القادمين من التجمعات اليهودية في شرق أوروبا، ليس لإحياء الوطن القومي للشعب اليهودي فحسب، بل لبناء نموذج عن الاشتراكية.

أما والدي فقد ترعرع في (برست ـ ليتوفسك) وتلقن على جدي الصهيوني (موردخاي شاينرمان) اللغة العبرية، وخفايا الكتاب المقدس، والفلسفة الصهيونية، وورث عنه الحنين إلى أرض إسرائيل، ولاقتناعه العميق بدعوته كمزارع عنيد في أرض الميعاد، تسجل بعد إنهائه دروسه الكلاسيكية في كلية الزراعة بجامعة تيفليس، حيث تعرف على والدتي فيرا طالبة الطب في الجامعة نفسها، القادمة من موهيلوف على نهر الدنييبر، في روسيا البيضاء. 

ومع اقتراب جحافل الجيش الأحمر عام 1917 من تفليس تزوج أبي بأمي، وفرا إلى مرفأ باطوم على البحر الأسود، ومنه أبحرا إلى فلسطين .

لم يكن والديّ مرفوضين من الآخرين، بل كانا مختلفين، وظل التوتر المستديم بين أهلي وجيرانهم، يلقي بوزره على علاقاتي مع أترابي في القرية .

وعهد إلي بأعمال أكثر صعوبة في المزرعة ولما أبلغ الثامنة من عمري، فقد كنت أنزل إلى الكرم في الربيع وأكدن الحصان إلى المحراث، أما في الشتاء فكنت أمضي ساعات طويلة في الإسطبل، وأنا أقدم إلى الحيوانات طعاماً إضافياً، وأحتفظ لنفسي بقرون الخروب التي أضافها والدي إلى العلف .

لم يتوقف التوتر بين سكان (الموشاف) وأبناء القرى العربية التي تتوزع بين المستوطنات الزراعية اليهودية، فقد دمرت (كفر ملال) عام 1921، وكادت تتدمر في هجوم عربي آخر عام 1929 وكنت في الخامسة لما ذهبت إلى تل أبيب مع والدتي، أكتشف من نافذة (الأوتوكار) علامات محتملة لوجود الإرهابي (أبي جلدة) المتخصص في نصب الكمائن على طريق أورشليم .

ولما بلغت الثالثة عشرة بدأت أقوم بحراسة الحقول في الظلمة، مسلحاً بعصا وخنجر قفقاسي، وكانت أمي تلح على والدي أن يدربها على البندقية الألمانية، التي يحرس بها في الليل، ولما أخذت أكبر بدأت أفهم أن العداوة ليست حكراً على اليهود ضد العرب، بل هي تتحكم باليهود بعضهم مع بعض .

وفي الثالثة عشرة التحقت بليسيه تل أبيب، حيث كنت أغازل البنات، وأرنو من النوافذ المفتوحة في البناية المجاورة للمدرسة، وهي فندق يقصده بنات هوى تل أبيب، والجنود الإنكليز .



عضو في منظمة الهاغاناه:

ولما بلغت الرابعة عشرة لقنت أسرار العمل في الخفاء لصالح منظمة (الهاغاناه) وأقسمت يمين الولاء لها في كوخ صغير على التوراة والمسدس، وأخذت أتدرب على القتال على مقربة من (كفر ملال) على استعمال المسدس والسكين، ثم جاء أعضاء (شرطة القرى العبرية) التي أنشئت تحت مراقبة بريطانية لحماية القرى اليهودية، وأنبوب شركة بترول العراق، ليعلمونا استخدام البندقية والقنبلة والرشاش .

كانت الحالة تسوء بين اليهود وسلطات الانتداب بسبب الهجرة اليهودية، وكانت حكومة الانتداب واقعة تحت المطرقة اليهودية والسندان العربي، وبلغ الصراع ذروته عند ما قامت منظمتا (الإرغون) و(شترن) بسلسلة من الهجمات ضد مراكز الشرطة والمواقع العسكرية البريطانية، فيما كانت (الهاغانا) تدمر الجسور، وخطوط السكة الحديدية .

أما أنا فقد كنت معجباً بأسرى اليهود الذين أعدمتهم بريطانيا وأحسدهم على شجاعتهم، وأحلم بالثأر للوطنيين اليهود الذين تم شنقهم .

ولما يئست بريطانيا من تسوية الوضع عام 1947 أوقفت انتدابها، وفوضت الأمم المتحدة بحل المشكلة، وفيما كانت الأمم المتحدة تعد تحقيقاتها وملفاتها كانت وتيرة تدريبنا تتسارع، وفي تلك السنة تعرفت على مارغاليت (غالي) ابنتة الستة عشر ربيعاً، القادمة من رومانيا.

أبيدت فصيلتي في معركة اللطرون:

وعندما قرر (بن غوريون) والقيادة العامة للجيش اليهودي تخليص أورشليم باحتلال اللطرون، وإزالة هذا الحاجز من طريقها، أسندت العملية إلى اللواء السابع، وجرى دعمه بواسطة ضباط من وحدتنا (فوج الكساندورني) وكان حظنا الوحيد في البقاء أمام الجنود الأردنيين، في هذه المعركة الصمود حتى الليل، ومحاولة التواري تحت جنح الظلام . 

وعندما زاد الأردنيون قوة نيرانهم اتكأت على مرفقي رافعاً صدري ورأسي لأرى ما كان يجري، وفجأة أحسست في بطني ضربة عنيفة قذفتني إلى الوراء، وسمعتني أصرخ (ماما !) وفوراً تطلعت حولي خشية أن يسمعني أحد، وكان الدم قد حمر قميصي، وأيضاً بنطلوني، لأني في اللحظة نفسها تلقيت رصاصة أخرى في فخذي، فانبطحت وأنا أشعر أن قواي تغادرني، وكانت أسراب الذباب الأسود تحوم حولنا، وكانت جماعات النمل تتراكض نحونا وقد جذبها دم القتلى والجرحى، وأبيدت فصيلتي تقريباً، حيث توفى نصف رجالي، وجرح معظم الباقين، جراح بعضهم خطيرة .

وفيما كنت أستعيد صحتي ببطء دخل وقف إطلاق النار الأول حيز التنفيذ، تحت رقابة الأمم المتحدة، وكان قادة الجيش ينتهزون فرصة وقف إطلاق النار للحصول على مزيد من الأسلحة .

عدو لا يرحم :

في منتصف تموز 1948 أحسست بتحسن كاف لأنضم إلى وحدتي (الفوج 32) الذي يسيطر الآن على تلة كوليه شمال شرق اللد، وكان الأردنيون قد قاموا قبل عدة أيام بهجوم مضاد، وجد في أرض المعركة ثمان وعشرون جثة، وقد قطعت آذانها، ووضعت أعضاؤها التناسلية في الأفواه، وبقينا عدة أيام نفتش في المنطقة عن الأعضاء المبتورة .

رقيت إلى رتبة ضابط استطلاع في الكتيبة، ظللت بعدها أحارب على كل الجبهات خلف خطوط العدو، وساهمت في معارك دامية ضد عدو لا يرحم، ومثل الآخرين لم أكن أعلم ماذا يخبئه الغد لنا: السلام ، أم حرباً جديدة ؟

وفي ايلول 1949 دمج لواء الكساندروني في الاحتياط، فيما رقيت أنا إلى رتبة ضابط استكشاف في لواء غولاني 

كانت أولى المهمات التي أوكلها إلي (موشي دايان) الذي عين قائداً للمنطقة الشمالية، بصفتي رئيس إستخبارات المنطقة، استرداد جنديين إسرائيليين، أسرهما جنود الفيلق العربي، ونقلوهما إلى عمان للتحقيق، وذلك باختطاف بعض الرهائن الأردنيين للمبادلة، وعندما أنجزت المهمة، لم يخف دايان رضاه .

تزوجت (غالي) بلا سقف :

استقرت خطيبتي (غالي) في مستشفى بضاحية أورشليم، في نهاية تخصصها كمساعدة في التحليل النفسي، وكنت معجباً بشخصيتها، ولم يطل بنا الأمر حتى تحدثنا عن الزواج، فقصدنا حاخاماً عسكرياً فزوجنا في اليوم نفسه: 29/3/1953 وكنا متزوجين بلا سقف يجمعنا، حيث كانت غالي تسكن في المستشفى الذي تعمل به، وأنا كنت أتقاسم غرفة وحيدة مع صديق في الجيش، ثم توفقنا في إيجاد ما يناسب ميزانيتنا: غرفة صغيرة، مع زاوية مطبخ في الفناء الخلفي لبناية في إحدى ضواحي أورشليم .

توليت الوحدة :

بعد أسبوعين على غزوة النبي صموئيل، التي نجحت بتنفيذها، استدعيت إلى رئاسة الأركان لمقابلة (موردخاي ماكليف) القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسرائيلية، حيث أطلعني على مشروع إنشاء وحدة مضادة للإرهاب، قادرة على ضرب القرى العربية التي تستخدم كملاجئ وحصوناً للإرهابيين، وسألني إن كنت مستعداً لتولي قيادتها، فأعطيت موافقتي، وسمي هذا التشكيل (الوحدة 101) وكان علي البحث عن رجالي من خارج الجيش، نظراً إلى ضعف معنويات الجيش .

كلفت بالاقتصاص من قرية قبية:

في منتصف تشرين أول 1953 ، استدعيت إلى القيادة العامة لمنطقة الوسط العسكرية في الرملة، أعلمنا قائد المظليين وأنا أن الأركان قرروا الاقتصاص من قبية، قال قائد المظليين أن رجاله لا يزالون دون مستوى المهمة، قلت: أنا مستعد للقيام بالعمل ويسرني أن أتولى قيادة المظليين غير الجاهزين بالإضافة إلى (الوحدة 101) ، أعددت مع الضباط خطط العملية بحذافيرها، وأعطيت الأوامر النهائية، وأكدت للجميع أن المهمة يجب أن تكون أول رد مهم لنا ضد الرعب العربي، لأن شكوانا بالطرق الدبلوماسية لم تعط شيئاً .

كانت الأوامر واضحة تماماً، يجب أن تكون قبية أمثولة ومثالاً، فكلف بإيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر في صفوف الميليشيات العربية المحلية، ووحدات الدعم الأردنية التي قد تهب للنجدة، وكان علي أن أفجر أهم بنايات القرية، وهي قرابة الخمسين، كان ذلك قراراً سياسياً متخذاً على أعلى المستويات . 

كنا نريد الاستفادة القصوى من الظلام، تسلقنا الجبال تحت وابل من الرصاص، صرعنا أول جنديين أردنيين عند مدخل القرية، كانا يستقلان سيارة جيب عسكرية، بدأنا عند منتصف الليل تدمير البيوت الحجرية الكبيرة بالديناميت، وكان الجنود يتقدمون من أطراف القرية نحو داخلها، احتجنا عدة ساعات لإنهاء تهديم البيوت، كنا من خلال الانفجارات وغيوم الغبار نسمع من وقت إلى آخر صوت إطلاق أسلحة خفيفة صادرة عن فريق هجوم الإلهاء وراء التلال .

عدت إلى منزلي في أورشليم لأرتاح، وما مرت ساعات حتى استيقظت على أخبار الإذاعة الأردنية حول العملية، فقد أكد المذيع مقتل تسعة وستين شخصاً جلهم من المدنيين، وخصوصاً من النساء والأولاد .

تبرير المجزرة:

ويبرر شارون مجزرة قبية التي هزت ضمير العالم فيقول: جاءت الغارة على قبية لتبرهن أن الجيش الإسرائيلي، بعد كثير من الإخفاقات، كان قادراً من جديد على ضرب العدو أينما كان، حتى وراء حدود بلاده .

وبالنسبة إلى الجيش كان معنى هذه العملية كبيراً جداً، فلقد استعاد ثقته المفقودة بعد سنتين من الفشل المتكرر والمثبط .

وأهم من ذلك: وجد الشعب الإسرائيلي، بفضل قبية، شعوراً مطمئناً بالحماية من القتلة العرب الذين ظلوا حتى 1953 يتوصلون إلى التسلل إلى كل مكان في البلاد تقريباً .

ويسجل رأي (بن غوريون) في المجزرة: ما سيقال في العالم بشأن قبية قلما يهم، فالمهم هو كيف ستفهم في هذه المنطقة من العالم منطقتنا، أعتقد أننا بفضلها سنتمكن من الاستمرار في العيش هنا. 

انطلاقاً من 1954 نفذ المظليون تقريباً كل العمليات التي قام بها الجيش الإسرائيلي، وبطريقة أو بأخرى كللت كل عملية بالنجاح، وهذا ما أكسبني بنوع خاص جذب انتباه زملائي، فلقائي الأول مع (بن غوريون) سرعان ما تبعته لقاءات أخرى، فبت أشعر بالراحة معه، عندما كنا نعالج مشاكل مهمة، أو حتى عندما تكون زيارتي إياه للمجاملة فحسب . 

لم يكن الجنرالات يترددون في إبداء شكوى مرة أمام دايان و(بن غوريون) كلما أثارتهم إحدى مبادراتي، وبما أنني لم أكن مستعداً لإغماض العين على بعض ثغرات الجيش كانت تكثر عندهم أسباب الاستشاطة غيظاً .

الهجوم على مقر القيادة في غزة: 

شكل الهجوم على مقر القيادة العامة للجيش المصري في قطاع غزة في 28/2/1955 أهم العمليات التي قام بها المظليون، فعلى الرغم من قيامنا بعدة عمليات ضد المواقع المصرية والأردنية ظل فدائيو قطاع غزة يواصلون زرع الموت والخراب، لا في الجنوب فحسب، بل في وسط البلاد ومن أجل ذلك قررت الحكومة الضرب .

ففي ليلة الهجوم وضعت اللمسات الأخيرة على مخططي، وصبيحة اليوم التالي استدعيت الضباط إلى غرفتي الخاصة، وبسطت على الحائط الرسوم البيانية، وشرحت أطوار العملية، وكيفية خداع مراقبي الأمم المتحدة، ثم أصدرت الأوامر، وخرجت لمتابعة الاستعدادات الأخيرة . 

وبعد انتهاء العملية، عدنا من حيث أتينا، نحمل ثمانية قتلى وأربعة عشر جريحاً، وبعضهم كان في رحلته الأخيرة على أكتاف رفاقهم، وأعلمت قيادتنا العامة بالراديو: نحن في طريق العودة مثقلون جداً . 

كان (موشى دايان) ينتظرنا، سأل بلهجة جافة: كيف جرت الأمور ؟

أجبته: أنجزنا مهمتنا، ولكن بخسائر فادحة .

أجاب بلا مبالاة: الأحياء أحياء، والأموات أموات .

ويتابع شارون روايته فيقول: برهنت إسرائيل بوضوح بهذه الإغارة المذهلة أنها لن تتسامح بعد اليوم حيال أعمال الرعب ضد سكانها، ولكن الرئيس المصري فضل البحث عن حلفاء مستعدين للدفاع عنه، والقوة الوحيدة القادرة على تأمين العون العسكري والسياسي الذي كان يسعى إليه هو الاتحاد السوفييتي، الذي لم يكن ينتظر إلا إشارة، فحققنا حلم روسيا منذ مئة عام بالدخول إلى الشرق الأوسط .

كلنا يعرف ما كان يقاسيه الأسير الإسرائيلي في السجون العربية بظروفها المختلفة والعذابات التي يخضع لها، فما أن يقع أحد أبناء قومنا في أيدي العدو حتى ألح على وزير الدفاع أو رئيس الوزراء، لأقوم بعملية خطف أسرى نبادل بهم رجالنا، وكانت كل إغارة تسبب خسائر بشرية، وهكذا كنا ندفع ثمناً غالياً لعودة كل من جنودنا، وغالباً ما كان عدد الضحايا يفوق عدد الأسرى، الذين سنحررهم من السجون العربية .

وكان موقفي من المسألة صريحاً جداً: إن كل جندي يجب أن يكون مقتنعاً في قرارة نفسه أنه لن يترك وحيداً في الميدان، أجريحاً كان أم أسيراً .

نظريات شارون العسكرية:

لا زلت أعتقد أن العرب جنود جيدون، واليوم علمتني التجارب أننا لكي نهزم الجنود العرب، علينا أن نفقدهم توازنهم في البدء .

وكان تكتيكي يقوم على عدم السماح للعرب بخوض المعركة وفق تصورهم لها، بل على مفاجأتهم دائماً .

لقد قالت لنا التوراة: حاربوا بالحيلة؛ وفي كل مرة يجب أن تكون مختلفة، مناورة تفاجئ العدو أو تحط من معنوياته .

ليس الهدف هو القصاص من العدو أو ردعه، ولكن الهدف إيجاد نفسية انهزامية عند العرب، بضربهم بلا هوادة، وتكبيدهم خسائر فادحة عمداً، حتى يتخلوا عن إرادة قهرنا .

ويخلص شارون إلى نتيجة مفادها: بالنظر إلى العدد المتواضع لشعبنا، وإلى ضآلة مواردنا، لا نستطيع أن نأمل يوماً في خلق توازن قوى من النوع الذي يسمح عادة لأمتين عدوتين بالتعايش، فالوسيلة الوحيدة التي في حوزتنا تقوم على إقناع العرب بعدم جدوى الحرب التي لا تجلب لهم سوى الدمار والخراب والمذلة .

على حافة الأزمة :

في بداية عام 1955 دفعت الغارات المتواصلة التي قام بها مظليونا، مصر إلى حافة الأزمة، وفي صيف العام أغلق عبد الناصر مضائق تيران، نقطة الاتصال الوحيدة بين إسرائيل من جهة وإفريقية الشرقية وآسيا من جهة أخرى، ومع أن هذه المضائق هي طرق بحرية دولية فإن جمعية الأمم لم تبد اعتراضات جدية، وفي نهاية شهر إيلول أعلن عبد الناصر عقد اتفاق مع تشيكوسلوفاكيا يوفر لمصر الدبابات والمدفعية والطائرات والأسلحة الخفيفة، وكلها من صنع سوفياتي، وهكذا فقد توازن القوى، وبدت قدرة إسرائيل الدفاعية مهددة . 

قررت الحكومة الإسرائيلية فك حصار المضائق بعملية عسكرية قام بها لواء ضد شرم الشيخ، وهذه العملية من حيث شموليتها من أهم العمليات التي سبق لي أن قدتها، كقائد فعلي للمظليين، لكن تعليمات الأركان كانت تخبئ لي مفاجأة مزعجة جداً: لأن رئيس هيئة الأركان (موشي دايان) فوض إدارة العملية لضابط أعلى هو (الكولونيل حاييم بارليف)، ومن دون تردد أعلمت دايان بنيتي الاستقالة، وكجواب دعاني إلى الغداء في رحبوت، وأوضح أن تعيين بارليف مؤقت تماماً، وليس وارداً أن يحل مكاني، فاقتنعت بكلماته .

ولما بدت العملية مشكوك فيها بسبب التعزيزات المصرية التي وصلت شرم الشيخ، ألغيت العملية رغم

تابع 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 10:12 am

[center]الجهود التي بذلناها لإتمامها .عملية أوراق الزيتون في طبريا:وفي 10/12/1955 أطلقت المدفعية السورية قنابلها على صيادين إسرائيليين في بحيرة طبريا، فقررت الحكومة الإسرائيلية تدمير المواقع السورية استدعاني (دايان) وشرح لي العملية، فإذا هي عملية معقدة وواسعة النطاق، ولما عدت إلى ضباطي، وأعطيتهم تعليماتي، لمحت وجه (بارليف) وهو جالس في ركن من الغرفة، فإذا به ينم عن الضغينة .تخطى نجاح عملية (أورق الزيتون) كل توقعاتنا، حققنا كل أهدافنا، وأنزلنا بالسوريين خسائر فادحة، وأخذنا منهم ثلاثين أسيرا .تأميم قناة السويس :خلال شهري ايلول وتشرين الأول 1956 بدا كأن الاشتباكات الدموية بين إسرائيل ومصر لا نهاية لها، وفي تلك الحقبة أمم عبد الناصر قناة السويس، فرأى البريطانيون والفرنسيون في هذا الإجراء تهديداً لطرق إمداداتهم البترولية، الحيوية بالنسبة إليهم، وفي مثل هذا الجو العاصف كان (بن غوريون) يتخبط ليحاول إيجاد حل لمشاكل أمن إسرائيل، ولا سيما بعد هجر القادمين الجدد للمناطق الحدودية التي تكون الحزام الدائري للبلاد، على نطاق واسع، بسبب الإرهاب الذي جعل من حياتهم جحيماً حقيقياً .العدوان الثلاثي :وفيما كنا نلحس جراحنا بعد (عملية قلقيلية) توجه (بن غوريون) ودايان وبيريس إلى باريس ليحاولوا عقد محادثات مع فرنسا وبريطانيا، حيث جرى الاتفاق بالجملة على عملية يحقق فيها كل من البلدان الثلاثة أهدافه؛ هدفنا كان سيناء: فك حصار مضائق تيران، وتدمير قواعد الإرهابيين في غزة، وتبديد أحلام الرئيس عبد الناصر؛ أما فرنسا وبريطانيا فيقيمان من جديد سيطرتهما على قناة السويس .بدأت المقولة الرسمية بأن الهجوم إنما هو عملية اقتصاص وليس حرباً حقيقية، واستطاعت وحدتنا أن تصل حيث يجب أن تكون، واستطعنا إعادة تشكيل قواتنا في رتل واحد، واخترقنا خطوط الدفاع المصرية، فسقطت ثمد بعد كونتيلا، ثم قرية نخل بدعم من المدفعية، وتقدم باقي اللواء بسرعة في اتجاه الغرب نحو ممر متلا ومظليي (رفول إيتان) الذين كانوا ينتظرون على بعد مئة وعشر كيلومترات من نخل، حيث استطعنا تحقيق الاتصال معهم بعد ثلاثين ساعة، ودمر طيراننا كل عربات الرتل المصري، وكان يصعب علي أن أصدق أننا اجتزنا مئتين وثلاثين كيلومتراً في عمق شبه جزيرة سيناء .علمنا من الإذاعة في 31 تشرين أول 1956 أن لندن وباريس أصدرتا إنذارهما ـ كما هو متوقع ـ لإسرائيل ومصر على حد سواء، فقبلته إسرائيل، ورفضته مصر، وكان على البريطانيين والفرنسيين أن يباشروا بعملياتهم الحربية، وفي اللحظة ذاتها أفادتنا تقارير طائراتنا الاستطلاعية أن الرتل الآلي المصري يتابع تقدمه باتجاهنا .عززت الوحدات المتقدمة، وجعلت باقي جنود اللواء في وضع دفاعي على جانبي المدخل الشرقي لممر متلا .وقد أحبط المصريون هذا الهجوم بعد اقترابهم، وأخذوا يطلقون النار باتجاه قواتنا المظلية، إلا أننا استطعنا تحديد مواقعهم، وأرسلنا وحدتين عسكريتين بعد هبوط الظلام، على طول السفحين الصخريين للممر، وأخذتا تتقدمان ببطء وتسكتان المغاور الواحدة تلو الأخرى في معركة بالسلاح الأبيض، وانتهت معركة ممر متلا مع إطلالة خيوط الفجر، وقد أحصينا في المغاور والتحصينات على جانبي الممر مئتين وستين جثة مصرية، ولكننا خسرنا أيضاً ثمانية وثلاثين قتيلاً .أثارت معركة متلا غضباً كبيراً وانشقاقات عميقة في صفوف المظليين، أو بين دايان وبيني، وبعد حملة سيناء كلفت لجنة تحقيق، بالحكم فيما إذا كنت تصرفت وفق الأوامر أو أني تجاوزتها، ومن وجهة نظري لم يكن علي أبداً أن أعتذر عما بدر مني، وكانت النتيجة أن اللجنة لم تبت في الأمر، ثم هدأت الضجة، وظلت القضية أهم من أن تنسى .كان الوضع الدولي آنذاك في غليان، فالسوفيات والأمريكيون يضغطون بقوة على لندن وباريس وأورشليم، ومع أن الفرنسيين والبريطانيين أنزلوا قوات بحرية في بور سعيد، وبور فؤاد، إلا أنهم لم يكونوا قد تدخلوا على نحو حاسم .ومع النجاح الكامل لسائر عمليات الجيش الإسرائيلي في الجزء الشمالي من سيناء، وفي قطاع غزة، باتت كل شبه الجزيرة في أيدينا .الأمم المتحدة تفرض الانسحاب :أصدرت الأمم المتحدة وقفاً لإطلاق النار، وفرضت انسحاب القوات الإسرائيلية السريع، وكان على (بن غوريون) أن يواجه مرارة اضطراره إلى التخلي عن ثماره، ومنها القرى التي أمر ببنائها على الحدود بين غزة ومصر . واستغرق اتفاق سحب قواتنا من سيناء شهرين، وقد ملأ الفراغ قوة متعددة الجنسيات من الأمم المتحدة، وخلال هذه الحقبة طفت بمظليينا كل أرجاء الجزيرة، وكنت أريد أن يستوعب الضباط الحد الأقصى لطبوغرافية الأرض، لوقت الحاجة، فليس ما يمنع من أن نضطر يوماً ما إلى الرجوع . لقد سجلنا كل شيء، وشكلنا أكواماً من السجلات الموضحة بخرائط ورسوم تخطيطية، ولوحات وصور فوتوغرافية شاملة . أنجبت زوجتي (غالي) صبياً، أعجوبة في نظري، فقبل سنتين قيل لنا إن غالي لن تنجب أبداً، وبعد ثلاثة أيام أسلم أبي الروح في المستشفى، وكان أبي قد همس لي وهو بين ذراعي، خلال زيارتي الأخيرة له بالمستشفى: إنه لأمر مؤسف أن أكون موشكاً على الموت، فما زلت في حاجة إلى مساعدتي في أمور كثيرة .ماتت (غالي) فتزوجت أختها (ليلي) : وفي أيار 1962 عدت إلى المنزل مصطحباً ابني (غور) إلى المنزل، وعند هبوط الظلام بدأ القلق يستبد بي، ففي مثل هذه الساعة تكون(غالي) قد عادت دائماً من عملها، وجاء جاري بالخبر يعلن موتها بحادث سير، وهي تقود سيارتها الصغيرة.بعد وفاة (غالي) كانت أختها الصغرى (ليلي) تقوم مقام أم لغور، وشيئاً فشيئاً تحولت الصداقة التي تربط بيننا إلى حب عميق، غير مجرى حياتي لأنه أدى بنا إلى الزواج، وتوسعت العائلة بولادة ابننا (أمري) ثم ابننا الثالث (غيلاد يهودا) في القيادة العامة لمنطقة الشمال :وفي نهاية عام 1963 عينني (رابين) في القيادة العامة لمنطقة الشمال العسكرية، وكان هذا التعيين بالنسبة إلي نوعاً من العودة إلى المنزل، فقد خدمت فيها كقائد سرية، وضابط استخبارات، وكانت القيادة العامة في الشمال في مطلع 1964 تجابه ثلاثة مشاكل كبرى هي: الأولى: مشكلة لبنان حيث كادت بيروت أن تصبح مركزاً مهماً للإرهاب، والثانية: الحدود السورية المعقدة، ومواقع الجيش السوري المحصنة في الجولان، والثالثة: المشروع العربي لتحويل مجرى نهر الأردن، الذي يوفر ثلث حاجات إسرائيل من الماء، وهي مسألة حياة أو موت .وعادة يعتبر تاريخ 5 حزيران ابتداء حرب الأيام الستة، ولكن كانت هذه الحرب قد بدأت قبل سنتين ونصف، أي يوم قررت الحكومة الإسرائيلية منع تحويل مياه نهر الأردن بالقوة .
[center]رقاني رابين إلى رتبة عميد :دعاني رابين لمقابلته، قال لي رأيه الصريح في طريقة عملي، وعدد لي الأخطاء التي ارتكبتها، ملمحاً إلى علاقتي مع الجنرال دافيد أليعازر، ولشد ما كانت دهشتي عندما سمعته بعد أن أنهى تعداد ذنوبي، يقول إنني على رغم كل ذلك قد رقيت إلى رتبة عميد، وعينت رئيس فرع التدريب في الأركان، وبالإضافة إلى ذلك أوكلت إليّ قيادة فرقة عسكرية إحتياطية عبد الناصر كان متورطاً في اليمن :كانت الجبهة المصرية حتى 14/5/1967 هادئة تماماً، وكانت قوات الأمم المتحدة منتشرة على طول الحدود، ومنذ خمس سنوات كانت قوات الرئيس عبد الناصر متورطة بعمق في حرب اليمن التي لا تنتهي، حيث كان الرئيس يساعد الفريق الماركسي، وفي حال كهذه لم يكن في وسعه أن يخوض معارك حدود معنا .بيد أن التوتر كان ظاهراً خصوصاً على الحدود السورية، وكنا نعلم أن السوريين لعدم استطاعتهم قبول عجزهم أمام الطيران الإسرائيلي، يجرون مفاوضات مع الرئيس عبد الناصر طلباً لدعم عسكري، كما كنا نعلم أن الاتحاد السوفياتي يعطي سورية ومصر معلومات مختلفة تماماً حول حشود قوات إسرائيلية على الحدود السورية، بهدف واضح هو حض الرئيس عبد الناصر على عمل عسكري، ولم يكن أحد يظن أن الدكتاتور المصري سيترك نفسه يندفع في هذه المغامرة، عندما عبرت القوات المصرية القناة ودخلت سيناء . في 19 أيار 1967 خضع (يوثانت) الأمين العام للأمم المتحدة للمطالب المصرية بسحب قوات الأمم المتحدة من شبه جزيرة سيناء .إغلاق مضائق تيران :وفي 22 أيار 1967 أعلن الرئيس إغلاق مضائق تيران أمام السفن الإسرائيلية، وهو عمل كانت إسرائيل قد أعلنت منذ وقت طويل أنه يشكل إعلاناً للحرب، وفي ذلك التاريخ كان قرابة مئة ألف جندي مصري، وأكثر من ألف دبابة قد انتشروا في سيناء .بلغت أزمة الزعامة ذروتها :كنت مقتنعاً بوجوب إطلاق عملية معممة، ونبذ فكرة الإستراتيجية الممتدة على مراحل، وفشل الاقتصار على غزو قطاع غزة مع منطقة محدودة واقعة غربها، وعندما أذاع (أشكول) خطابه إلى الأمة، تلعثم على نحو مؤثر، وتعثر في كلماته، وما أنهى خطابه حتى كانت أزمة الزعامة قد بلغت ذروتها.وقبل أن يخرج أشكول طرح علي سؤالاً: هل تعيين موشي دايان في وزارة الدفاع من شأنه أن يقلب الوضع ويرفع المعنويات ؟مارأيي في الأمر ؟ لم يكن في هذا السؤال ما يمكنه أن يدهشني، فإيغال آلون كان قد فقد كل حظ باستلام هذه الحقيبة، وكان تعيين دايان وزيراً للدفاع أمراً واقعاً بالفعل .أكدت لدايان أن عدم مهاجمة الجيش المصري دفعة واحدة ينطوي على تبديد للقوى والوقت، وأن واجبنا الإقلاع عن كل صيغة عملية لا تبيد زهرة القوات المصرية، وأن قطاع غزة ليس هدفاً ذا قيمة . وكانت كلمتا السر عندنا: التدريب اليومي والنظام، وأكثر من أي وقت مضى كنت أثق ثقة عمياء بقدراتنا وانتصار قواتنا حرب الأيام الستة :عشية حرب الأيام الستة كانت خمس فرق من أصل سبع فرق مصرية معسكرة في مثلث سيناء الجنوبي، كانت تشكل خطاً دفاعياً يستند إلى استحكامات شديدة التحصين، ووحدات مشاة ودبابات هجوم ومدفعية، ويوجد وراء هذه الاستحكامات فرقتان مصريتان تنتظران على مقربة من (كونتيلا) في الجنوب. وفي مواجهة هذه الحشود المصرية، كانت إسرائيل تملك ثلاث فرق، (فرقة تال، وفرقة يوفيه، وفرقتي) وكانت خطتنا الشاملة تلحظ هجوماً عاماً من مختلف القوى في صباح 5 حزيران، وكان على سلاح الطيران أن يدمر في البداية تجمعات الطيران المصري ومهابطه، وكانت مهمتي أن أندفع بقواتي نحو (أبو رجيلة) وقسيمة، على المحور الأوسط، وكان الهدف الأول لفرقتي فتح المحور المركزي، أي الطريق الموصلة بين بئر السبع والإسماعيلية .أنا لا أرتجل إطلاقاً :وينفي شارون عن نفسه صفة الارتجال التي وصف بها عام 1956 فيقول: أنا لا أرتجل إطلاقاً، وقد يكون العكس هو الصحيح، لقد اعتبرت أن من واجبي أن أرسم خططاً كثيرة التدقيق، تأخذ في الاعتبار أدق التفاصيل، وآخر المواقع، وتشكل كل وحدة مهاجمة على ضوء المشاكل المحددة المدعوة إلى مجابهتها .كانت خطتي المعقدة ترتكز إلى مفاهيم شرحتها وعلمتها طوال سنوات عديدة خلال خدمتي مع المظليين: الالتحام بالسلاح الأبيض، قتال الليل، هجوم المظليين المفاجئ، الهجوم من الخلف، الاختراق على جبهة ضيقة، التخطيط الشديد الدقة، مفهوم العلاقات بين القيادة العامة والقيادة الميداني .
تابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 10:12 am

عند الساعة الثامنة صباحاً جاء الأمر الذي كنا ننتظره جميعاً: إلى الأمام . وعند منتصف الليل كنا قد احتللنا آخر المراكز المصرية المتقدمة إلى الشرق، وانتشر باقي الفرقة إلى الأمام للهجوم الرئيسي، وغادرت مرصدي لأتابع عن كثب سير العمليات، وبينما كان الجنود يمرون أمامي كنت أراقب وجوههم التي تضفي عليها لوناً ذهبياً أشعة الشمس الغاربة، وهم شاهدوني معسكراً وسط الطريق، وشعرت حيال هذه التظاهرة الصامته بمعنويات من حديد .وعند الغسق فيما كنت أنتظر الساعة س استلمت رسالة من سلاح الجو إذ أرجأت الهجوم إلى الغد .فكرت في الأمر بضع دقائق قبل أن أجيب : كلا ، نهاجم هذه الليلة . وعند الساعة العاشرة ليلاً كانت كل فوهات مدافعنا تصب حممها على الطرف الشمالي للخنادق، وقد أخبر أحد الضباط المصريين الأسرى أنه اعتقد أنه يشاهد حية من نار ممتدة تنقض عليهم .لم أحظ بشرف تحرير أورشليم :وفي المساء وبالقرب من جبل حريم، سمعنا هناك من الإذاعة أن مدينة أورشليم القديمة قد حررت، وفي قلب هذا المشهد المقفر انتابتني فجأة موجة من العواطف المتناقضة، ومن بينها خيبة أمل، فخلال كل تلك السنوات كنت أتعلل بحلم سري: أن أحظى بشرف تحرير أورشليم، لكنني كنت سعيداً أيضاً، فموجات الأثير كانت تنقل لي صراخ فرح المظليين المحاربين الذين عرفتهم عن كثب عندما كانوا بإمرتي . ويتحدث شارون في مذكراته عن اللواء الشبح المهجور الذي تركه المصريون بكامل معداته، وكيف وقعت الفرقة المصرية السادسة في الفخ بجوار نخل، ويصف الصورة الكاملة لوادي الموت، حيث لم يبق للفرقة المصرية السادسة إلا ذكرى حزينة، وينقل إلى القارئ مشهد ممر متلا المزدحم بحطام الجيش المصري تحت سحابة سوداء من الدخان . ويقول: انتهت عملية الجولان بانهيار كامل للدفاعات السورية، لقد أحرزنا على كل الجهات انتصارات جاوزت أهدافنا الأصلية .قائد أعلى لمنطقة سيناء : وصدر أمر رابين بتعييني قائداً أعلى لمنطقة سيناء حيث لا تزال تنتظرنا مهمات عديدة: تنظيف الجبهة، وتجميع الأسرى، ووضع إدارة للمنطقة .في البدء فكرنا بجمع أكبر عدد من الأسرى لنبادلهم بحفنة من الجنود الإسرائيليين المأسورين، ولكن سرعان ما وجدنا أنهم أكثر من أن نستطيع العناية بهم، لذلك قررنا الاحتفاظ بالضباط فقط، أما الجنود العائدون فقد جمعوا ونقلوا إلى مدينة القنطرة على الضفة الشرقية للقناة، حيث اجتازوها على قوارب أرسلتها السلطات المصرية .جمع تبرعات وحملة إعلام :وبعد إقامة قصيرة في سيناء عدت إلى منزلي في تساهالا، وما كدت أذوق طعم الراحة الحقيقي بعد حرمان مديد حتى اتصل معي وزير المال (فنحاس سابير) ليسألني أن أذهب في رحلة جمع تبرعات، مقرونة بحملة إعلام إلى (هونغ كونغ) وأستراليا وإيران .وسرعان ما تحولت الزيارة إلى مؤتمر صحفي دائم، حيث كان جيش من المراسلين الصحافيين يمطرونني بألف سؤال وسؤال عن الحرب والمستقبل .وبعد تسريح رجال الاحتياط عدت إلى الأركان العامة رئيساً لفرع التعليم، فعمدت إلى دراسة منهجية لحرب الأيام الستة، محللا كل معركة وكل عملية مع الضباط ذوي العلاقة، وأعدت تمثيل سياق الحوادث طوراً بطور لاستخلاص كل الأمثولات الممكنة .
سيطرة إستراتيجية:ويتحدث شارون عن أمن المناطق التي سقطت بأيدي اليهود فيقول: إن من المهم لتوطيد الأمن في المناطق إرساء نقاط ارتكاز يهودية متينة فيها، وكانت هذه النظرة تنطلق من مسلمة تقول: إن هذه الأراضي هي جزء مكمل لأرض إسرائيل احتله العرب عام 1948 وعلينا الآن أن نعود إليه .ويقول: لم يكن المقصود أبداً أخذ الأراضي الزراعية من العرب، فالمناطق المزروعة الخصبة لم تكن تهمني، فضلاً عن أننا لم نكن بحاجة إليها، وفي المقابل كانت مفترقات الطرق والمرتفعات المشرفة على هذه المناطق ذات أهمية حيوية لنا، وليس من الضروري أن يكون المرء نابغة عسكرياً ليعرف أهمية هذه المناطق الاستراتيجية، فثلثا الشعب الإسرائيلي يعيش في الشريط الساحلي الذي تحيطه هذه المناطق إحاطة السوار بالمعصم .وحول حتمية السيطرة على المناطق الجبلية المشرفة على المنطقة الساحلية يقرر شارون: إن ضرورة الحضور الإسرائيلي في هذه المناطق لا ترتهن في مفهومي لأي حل سياسي، وذلك لأهداف ثلاث: تأمين سلامة الشريط الساحلي الضيق، والدفاع عن السهل الممتد على طول مجرى نهر الأردن، وضمان حماية أورشليم، العاصمة الأبدية للشعب اليهودي، فهذا هو الحد الأدنى الذي لا يمكننا التخلي عنه، وأنا لم أقبل قط ـ وأشدد على ذلك ـ فكرة التخلي عن أرض حيوية لوجودنا .أتحدر من عائلة صهيونية برغماتية :ويقول بصراحة: أنا أتحدر من عائلة يمكن وصفها بأنها (صهيونية برغماتية)، وهم أناس فهموا أنه في هذا العالم غير الثابت الذي يسوده العنف، لا يمكن المخاطرة بوجود الشعب اليهودي بالاستناد إلى (قصاصات ورق)، فبقاؤنا لا يمكن أن يرتهن فقط بالثقة بحسن إرادة الغير، علينا أن نرسي هذه الثقة على وقائع، على إنشاء البلاد والدفاع عنها. مقتل غور بن شارون :يصف شارون ابنه البكر (غور) بأنه كان صبياً شديد الحسن، ولد رائع من كل الوجوه، كأنه هدية أرسلتها إلي السماء على نحو عجائبي .ويتحدث عن مقتله بطلق ناري من بندقية صيد قديمة صوبها نحوه صبي في يوم عيد رأس السنة العبرية عام 1967 عندما خرج يلعب في حديقة المنزل، وكيف شاهده ممدداً على العشب وفي عينه جرح بليغ، وكل وجهه يغرق بالدم، وعن موته بين ذراعيه وهو ينقله إلى مستشفى (تل هاشومير) فكادت أن تقضي عليه هذه المصيبة في نشوة انتصاره.أعتبر بناء خط بارليف خطأً مريعاً :في بداية أيلول 1967 كان الملوك والرؤساء العرب المجتمعون في الخرطوم قد اتفقوا على ما دعي باللاءات الثلاثة: لا للمفاوضات مع إسرائيل، لا للاعتراف بإسرائيل، لا للصلح مع إسرائيل .وكانت النتيجة العملية والمباشرة لمؤتمر الخرطوم تصعيد جهود الحرب المصرية، وكانت مصر تعمل بسرعة شديدة على إعادة بناء جيشها وطيرانها مع مساعدة كثيفة من الروس، وبدا واضحاً للجميع أن قناة السويس تصبح الآن حدوداً متفجرة .وفي عام 1968 وكرد فعل على قصف المصريين المدفعي المتواصل وعلى مشاريعهم الهجومية تسلم (بارليف) تقريراً من الفريق الذي كلف بدراسة المشكلة، تضمن بناء خط حصين على طول القناة بهدف تأمين الحماية من المدفعية المصرية، وتأمين مراكز مراقبة متقدمة، ومنع المصريين من إقامة رأس جسر في شبه جزيرة سيناء، وإبراز السيطرة الإسرائيلية .وبعد اطلاع (شارون) على التقرير، انتقده بشدة، واعتبره خطأ مريعاً من الناحية السياسية والعسكرية، لأنه يجعل من القوات الإسرائيلية المتحصنة هدفاً مثالياً لنيران المدفعية، ويعرض قوافلها العسكرية للكمائن والألغام، وبين أن معركة دفاعية لا يمكن ربحها على خط خارجي، وأن هذه المواقع لا تسمح بخوض معركة دفاعية حسب الأصول .تفاقم خلافي مع بارليف :غير أن اختلاف الرأي بين (بارليف) وبيني راح يتفاقم، حتى بلغت علاقاتنا التي لم تكن حسنة عتبة الانفصال، حتى جاءتني مخابرة من أحد ضباط الإدارة يستعلم مني عما إذا كنت أرغب في أخذ إجازاتي المتراكمة قبل أن أترك الجيش، أم أفضل قبض قيمتها مع المعاش؟ لم أكن رجلاً يستسلم بسهولة :ذهلت لهذا السؤال، فأجبت: لا رغبة عندي إطلاقاً لمغادرة الجيش، لكن رئيس الأركان (بارليف) رفض تجديد عقدي؛ لم أكن رجلاً يستسلم بسهولة، ولكن إن أجبرت على ترك الجيش يتعين علي أن أواجه المستقبل، فقد كنت في الحادية والأربعين من عمري، وما زال أمامي وقت طويل قبل أن أتقاعد على كرسي مريح، وكلما فكرت في أمر مستقبلي كانت السياسة تراودني، فلدي مثل الجميع طروحاتي . وكان عام 1969 عام إنتخابات، وكنت شكلياً عضواً في حزب العمل مثل والديّ، وكان يفترض بكل ضابط يصل إلى رتبة كولونيل أن ينخرط ضمناً في حزب العمل، فقد كان تسييس الجيش أمراً سوياً .وضعني بيجن على لائحة حيروت :ولم تظهر بوادر صراع عميق بين حزب العمل وكتلة حيروت إلا في نهاية الستينات، وكان موضوع الصراع: الحل السياسي الواجب اعتماده لمشاكل الأراضي المحتلة خلال حرب الأيام الستة، ومنذ ذك الوقت غدت آرائي تقترب من المواقف المعلنة لكتلة حيروت بزعامة (مناحيم بيجن)، وعندما التقيت به في فندق الملك داود بأورشليم تقرر أن نتعاون في سبيل قضية واحدة .وصدرت الجرائد في اليوم التالي تحمل بالخط العريض عنوان: شارون على لائحة حيروت ـ الأحرار؛ وخشية أن أقدم دعماً للائحة حيروت ـ الأحرار، أعادني بارليف إلى الجيش، وكلفي بالتجول في العالم لإلقاء محاضرات، وزودني الجيش بتذكرة طيران دولية .وعندما أعطت الانتخابات بريقاً للجيش ولخارطة البلاد السياسية، ووضعت في السلطة التنفيذية حكومة اتحاد وطني كان (بيجن) من أبرز أعضائها، عينت قائداً لجبهة الجنوب العسكرية، وكانت بؤر العنف الثلاث التي كانت قيادة الجنوب تواجهها أكبر التحديات.
تابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 10:17 am

<DIV align="center"><FONT color="#ff00ff">كانت حرب الاستنزاف، والحدود الأردنية، وقطاع غزة، تمثل بؤر العنف الثلاث التي تشكل تحدياً لي بعد تعييني قائداً لمنطقة الجنوب العسكرية، في نهاية عام 1969.

البؤرة الأولى: حرب الاستنزاف :

كان جنودنا على امتداد القناة يواجهون الموت باستمرار، وفي غياب نظرة شاملة وبعيدة المدى وجدت قواتنا نفسها معرضة للنيران المصرية من دون حماية أو ملجأ، فقررت من تلقاء نفسها بناء المعاقل، واتسعت الإنشاءات الدفاعية مع مرور الوقت، وغدت مصطنعة أكثر فأكثر متحولة إلى خط محصن حقيقي.

وعندما تعرضت مواقعنا لنيران المدفعية الثقيلة، وتكبدت قواتنا خسائر جسيمة، تمخض النقاش حول الدفاع عن سيناء، عن بناء اثنين وثلاثين موقعاً محصناً، يكون كل منها قلعة صغيرة قادرة على الصمود في وجه القذائف المصرية، وصرفت أموال طائلة لبناء شبكة دفاعية على امتداد القناة تتضمن غرفاً محصنة، ومزالق للدبابات، ومخازن للتموين والذخيرة، إلخ ؛ هذا النظام الذي كان من المفروض أن يؤمن لنا السيطرة على الممر المائي، والذي عارضته، ودعوت للاستعاضة عنه بمواقع دفاعية على التلال الواقعة إلى الشرق، ومن الطبيعي القول أن لا نية عندي للتخلي عن أفكاري (ويقصد نقد خط بارليف) بل سأستمر في بثها حتى تنتصر. 

وخلال السنوات الثلاث لحرب الاستنزاف، انشغل جنودنا بإصلاح الأضرار وتحصين المواقع التي دمرتها المدفعية، وكلفتنا الكمائن والغزوات ضد دورياتنا أرواحاً غالية جداً، وعندما تم وقف إطلاق النار في آب 1970 كانت خسائرنا على امتداد القناة قد بلغت 1366 إصابة منها 367 إصابة مميتة، وكان الحاخام الأكبر يزورنا باستمرار، ويصلي مع الجنود، ويقضي الليل معهم.

وعندما أطلق المصريون حربهم الإستنزافية كانوا يراهنون على الحساسية المفرطة عند الإسرائيليين لخسارة أرواح بشرية، وكنا على علم بما يراهنون عليه، ولذلك فعلنا المستحيل لنبرهن أن مصر هي أكثر عرضة للتجريح منا، وأن قصفهم المتواصل سيرتد عليهم.

ولكي نبين للعدو ما قد تكلفه حرب الاستنزاف هذه، هاجمت طائراتنا ابتداءً من عام 1970 أهدافاً عسكرية في العمق المصري، وسرعان ما ظهر للجميع أن مطارداتنا تستطيع دون أخطار كبيرة أن تخترق الدفاع الجوي المصري. 

توجه عبد الناصر إلى حلفائه السوفيات متوسلاً إليهم أن يزودوه بالوسائل الكفيلة بمتابعة إهراق الدم في المعسكر الإسرائيلي، وسرعان ما أعطاه الروس الحل بإرسالهم إليه شحنات كثيفة من صوارخ سام 3 المضادة للطائرات، وقد أرفقت بفرق من الخبراء السوفيات لتشغيلها، وبدأ الدور الذي تلعبه موسكو في الصراع يثير القلق، وكان على إسرائيل أن تجابه عسكرياً لأول مرة في تاريخها إحدى القوتين العظيمتين.

كان الوضع بالغ الدقة والحساسية، من جهة لم نستطيع غض الطرف عن وضع تصير فيه الجبهة محمية بغطاء جوي سوفياتي يسمح للمصريين بمواصلة قصفهم المدفعي، والإعداد بهدوء لما يسميه الرئيس عبد الناصر بمرحلة التحرير. 

في 7 آب 1970 لاح حل لهذه المعضلة عندما قبلت إسرائيل ومصر اقتراحاً أمريكياً بوقف المعارك، وأراح وقف النار الفريقين كليهما، فالإسرائيليون كانوا يتكبدون ضحايا يومية على خط بارليف، والقوات المصرية المعسكرة على امتداد القناة كانت أيضاً تتكبد خسائر فادحة.

ويكشف شارون سر موافقة عبد الناصر على وقف إطلاق النار الذي أدهش الجميع: ألا وهو نقل منصات صواريخ سام 3 وطواقمها إلى الشرق، دون أن تتعرض لهجوم الطيران الإسرائيلي، فيغدو المجال الجوي فوق القناة محظراً على طائراتنا.

كان الوقت يعمل ضدنا، فأسرعت قيادة الجنوب والأركان العامة إلى فتح باب النقاش حول الإجراءات الواجب اتخاذها، فأوصيت أن نجتاز القناة قرب القنطرة، وأن نهدم قواعد صواريخ سام في المنطقة ثم ننسحب، محتفظين برأس جسر صغير على الضفة الغربية، فقبلت الخطة، ووافقت عليها قيادة الأركان.

وباشرنا ببناء سلسلة من القلاع على طول التلال الممتدة شرق القناة، وأقمت مراكز قيادة ومراقبة، ومواقع إطلاق نار، وقواعد لوحدات احتياط متقدمة، وأوكار مدفعية، وأطلقت مشروعاً كبيراً لبناء طرقات رئيسية وفرعية من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.

البؤرة الثانية: الحدود الأردنية : 

منذ إنشاء الدولة سال دم يهودي غزير على الطريق الرئيسية التي تخترق وادي عربة، فهي تقدم للإرهابيين الظروف المثلى لوضع ألغام ونصب كمائن، وغالباً ما كانت تهاجم العربات ويقتل ركابها، وكانت الكيبوتزات والقرى الزراعية وشركات البحر الميت، تشكل أهدافاً مفضلة للمتسللين، بالإضافة إلى تعرض خط أنابيب النفط الذي يصل إيلات بمدينة عسقلان على شاطئ البحر المتوسط.

وتكمن مشكلة حماية هذه المنطقة أنها تكون نوعاً من الأرض المحايدة، وبعض وحدات الجيش والشرطة الأردنية تقيم في الطرف الآخر من الحدود، لكنها في الواقع تتعاون مع الإرهابيين، مسدية إليهم دعماً نشيطاً، وكان لواء سعودي يحرس جبال البحر الميت المقفرة، فعند هبوط الظلام كان الإرهابيون يغادرون قواعدهم، وفي أثناء النهار يختبئون على مقربة من الحدود، وفي الليل يخرجون ويضعون الألغام، وينصبون الكمائن، ويقصفون بالهاون القرى والمؤسسات، ويبقى لهم الليل بطوله ليعودوا إلى قواعدهم في الجبال.

قادتني دراسة متعمقة لطرائق عمل الفدائيين إلى الاستنتاج بسرعة أن الدفاع الأكثر فاعلية ضد أعمالهم هو الهجوم، وأنه يجب الحيلولة بينهم وبين بلوغ الحدود، وإذا بلغوها يجب منعهم من العودة سالمين إلى جبالهم، ومن أجل ذلك أرسلت دوريات استكشاف لإقامة مراكز تنصت، ونصب كمائن للفدائيين، فسجلت هجومات الفلسطينيين تراجعاً مذهلاً.

ومن جهة أخرى كان وجود القوات السعودية المعسكرة مطمئناً لرجال منظمة التحرير الذين كانوا على قناعة بأننا لن نجسر على الرد تحاشياً للتورط مع القوات النظامية السعودية.

فاجأنا السعوديين والإرهابيين في ليل 20 آذار 1970 بقذائف المورتر، ثم هاجمناهم بقواتنا، وقمنا باحتلال قرية الصافي، وخلال ثلاثة أيام ربطنا الصافي بالمنطقة الصناعية في البحر الميت، فلم نعد نخشى عملاً أردنياً أو سعودياً ضد قواتنا الاستكشافية في الجبال، وغدت كمائننا أكثر عمقاً في الأراضي الأردنية، وبات على المتسللين أن ينطلقوا من أماكن أكثر بعداً من الحدود، ودعمت المنطقة الحاجزة على امتداد الحدود بحقول ألغام، وبشريط شائك، وبممر من الرمل الناعم بعرض عشرة أمتار كان يمشط كل يوم فتظهر فيه آثار أقدام كل من يحاول اجتياز الحدود، وكانت الحوامات تشارك في البحث عن المتسللين، وجمعت مئات المتطوعين من بدو النقب، الذين جذبتهم فكرة الخدمة كمتعقبين وكشافة في فرقة جمالين.

البؤرة الثالثة: قطاع غزة:

كانت بساتين الليمون في قطاع غزة تشكل مخابئ مثالية لخلايا الفدائيين بسبب النمو المفرط للأشجار، هذه الكثافة نجدها على الصعيد البشري في مخيمات اللاجئين، فوسط هذا الجمع الحاشد كان من الصعب جداً التمييز بين رجل ينتمي إلى منظمة التحرير الفلسطينية ومدني آخر، وكنا نعرف أن للمنظمة مقرات مخفية، وشبكة اتصال بين القيادة العليا خارج غزة وفروعها المحلية، وكذلك بين الفروع والخلايا، فبدأ مخبرونا السريون بالتعرف إلى بعض الإرهابيين، فأمرت بتتبعم لاكتشاف غرفهم المحصنة ومخابئهم.

جمعت عدداً محدوداً من وحدات المشاة، وبدأت أدرب رجالها على حرب عصابات مضادة للإرهاب، وقسمت قطاع غزة إلى مربعات مرقمة، ووضعت كل مربع تحت مسؤولية زمرة من الجنود، وبدأت أكتشف الغرف السرية، وأنشأت وحدات مختلطة يهود وعرب، واستخدمت كل الخدع الممكنة، وأطلقنا في الأسواق رجالاً من باعة الثمار، وفي مقاهي الرصيف رجالاً من شاربي القهوة التركية، وفي الشوارع رجالاً متنكرين بمكارين يقودون حماراً، وأحياناً كان إرهابيونا يلقون القبض على مشتبه به، فيسحبونه من بيته ويتهمونه بالتعاون مع اليهود، اقتلعت أسيجة الصبير للوصول إلى الملاجئ التحتأرضية وشاغليها، وعمدت إلى توسيع الشوارع تسهيلاً لعمل دورياتنا، واقترحت على لجنة وزارية إنشاء بعض القرى كنوع من العوائق اليهودية، على غرار مستوطنات اليهودية والسامرة، وشرحت لهم على الطبيعة أننا إذا أردنا السيطرة على هذه المنطقة كان علينا أن نؤمن منذ الآن وجوداً يهودياً، وأنه من الضروري إنشاء منطقة حاجزة بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، تقف سداً في وجه عصابات المتاجرة بالسلاح.

خطة شارون لحل مشكلة اللاجئين :

يقوم جوهر خطتي على التخلص من مخيمات اللاجئين مهما كانت، ويجب إسكان سبعين ألفاً في المدن التي سنبنيها في هذه المنطقة، ونسكن سبعين ألف لاجئ في مدن اليهودية والسامرة، وندمجهم بشكل متناغم في بيئتهم الجديدة.

ولنبرهن على حسن نيتنا وعن تعلقنا بالقيم الأدبية، أوصيت باختيار عشرين إلى ثلاثين ألف لاجئ من قطاع غزة ممن لم يكن لهم أي اتصال بمنظمة التحرير، بل ربما كانوا هم أنفسهم ضحايا الإرهاب، لإسكانهم داخل حدود إسرائيل قبل 1967.

ويردف شارون قائلاً: بالمناسبة لا أعتقد أن هؤلاء اللاجئين يستحقون أي حق بالعودة، فوضعهم نتيجة حرب هم أنفسهم شنوها، وقد ظلوا في المخيمات بسبب رفض البلدان العربية دمجهم في مجتمعاتهم، فيما كانت إسرائيل تستقبل في ذلك الوقت بذراعين مفتوحين قرابة مليون يهودي اضطروا إلى الهرب أو نفوا من مواطنهم في الدول العربية.

ويقدر شارون مشروع تصفية مخيمات اللاجئين بعشر سنوات، ويقترح إجراء تسوية بين أملاك اللاجئين الفلسطينيين، وأملاك اليهود القادمين من الدول العربية، وفق مبدأ المعاملة بالمثل، وإيجاد صندوق لدعم استقرار اللاجئين في دول أخرى.

شارون في غزة :

خلال سبعة أشهر (تموز1971 ـ شباط 1972) قتلنا 104 إرهابيين، وأوقفنا سبعمائة واثنين غيرهم، عاد سكان هذه المنطقة إلى الحياة السوية، ونجحنا في تثبيت الهدوء، وقطعت القرى اليهودية الطريق على تهريب السلاح، ونجحنا في قطع دابر التسللات عن طريق البحر، وهددت الآباء الذي يرشق أبناؤهم رجالنا بالحجارة بالترحيل إلى الأردن، وطردت ثلاثين رجلاً في مناسبتين فقط.

العودة إلى المزرعة :

في أحد أيام صيف عام 1972 أعلمني رئيس الأركان (دافيد أليعازر) أنه ينتظر استقالتي، كنت في الخامسة والأربعين من عمري، وهو سن التقاعد في الجيش كما حدده (موشي دايان)، كان عالم السياسة يثير فضولي، لكن مشروع العودة إلى الأرض، والحياة في وسط ريفي كانت تلائمني أكثر.

وجدت مزرعة معروضة للبيع في شمال النقب؛ استمالني المكان بجماله الوحشي، وتبايناته العنيفة، وطقسه المتطرف، وكان أحد صهيوني أستراليا قد ابتاع هذه الأرض، ليحقق حلمه في أن يرى ابنه راعياً في إسرائيل، ولكن من أين أحصل على المال لشراء المزرعة ؟

قضيت عمري كله في خدمة العلم، وعشت بالطبع من المرتب المتواضع للضابط المحترف، ويتعذر على شخص مثلي الحصول على قرض شخصي من المصارف لشراء مزرعة، وأخيراً انبرى لمساعدتي يهودي أمريكي اسمه (ميشولام)، تعرفت إليه قبل عدة سنوات في (رامات غان)، وعندما أخبرته بأني سأترك الجيش لأكرس نفسي للزراعة قال لي: لا أعتقد أن في وسع إسرائيل أن تسمح لنفسها بالتخلي عن خدمات رجال مثلك ومثل (عازار وايزمن)، وتابع يقول: لا أظن أن رجالاً مثلكما يجب أن يهتموا بأشغال خاصة، ويتخبطوا بمسائل مالية.

هذا الانتقال اللطيف من حياة الجندية إلى حياة الزراعة كما كنت أخطط له انقلب رأساً على عقب في أيار 1972 عندما وردتنا معلومات من أجهزتنا السرية تقول إن مصر تستعد لهجوم واسع النطاق. 

قررت أن أرسم قبل رحيلي عن الجيش خطة مفصلة لعبور ثالث محتمل شمال البحيرة المرة الكبرى في قطاع (الدفرسوار)، وقلت بوجوب إخلاء التحصينات في حال وقوع هجوم مصري شامل، خشية تبديد قواتنا في محاولتنا الدفاع عنها.

وكلما كانت تنخفض حدة التوتر كان موعد تركي الجيش يقترب، وعندما طلبت من رئيس الأركان أن يرجئ رحيلي سنة رفض هو ودايان و(غولدا مائير).

ولما طلب منه أن يحدد موعد عشاء الوداع، أجاب بأنه يفضل عدم إجرائه، ذلك لأنه يعتبر منصة التكريم بمثابة منصة الإعدام.

تحدي حزب العمل :

مشكلة إسرائيل في نظري هي سيطرة حزب العمل خمساً وأربعين سنة على الوكالة اليهودية ثم على الدولة، وتفرده بتنظيم البلاد وفق نظرة إشتراكية محدودة، وكانت كل محاولة لإزاحته عن السلطة محكوم عليها بالإخفاق سلفاً، وباتت شؤون الفساد السياسي أكثر تواتراً وتفاقماً، ولم تقدم الأحزاب الصغيرة الإثني عشر حلاً سياسياً بديلاً ، فقادتني تأملاتي إلى جمع كل هذه الأحزاب الصغيرة في جبهة متراصة، لتحدي حزب العمل والأحزاب الدائرة في فلكه.

أطلقنا أنا وبيغن اسم الليكود (الاتحاد) على تحالف أحزاب المعارضة، وكرست شهر آب للتفاوض مع مندوبي الأحزاب الأخرى المعنية، وكانت الاستراتيجية الأساسية للمشروع توحيد كل التشكيلات التي تؤلف الليكود، وتجزئة حزب العمل.

عرض علي زعماء كثيرون الانضمام إلى حزبهم وطرحت المسألة عدة مرات خلال المناقشات، لكنني كنت مصراً على البقاء فوق الخلافات، وانتهى بي الأمر إلى الانضمام إلى حزب الأحرار، وعينت رسمياً على رأس القيادة العامة لحملة الليكود الانتخابية.

التحقت بفرقتي، وكأنني عائد إلى بيتي:

عشية عيد الغفران اتصلت بي القيادة العامة لمنطقة الجنوب العسكرية، وطلبت مني وقف كل نشاط انتخابي، والحضور إلى مكتب فرقتي الاحتياطية.

تبينت بعد اطلاعي على صور جوية ووثائق إستخبارية أن المصريين حشدوا قرب الضفة تجهيزاتهم لعبور القناة، واقتنعت بأن معلومات أجهزتنا السرية دامغة ونهائية، فأعلنت جاهزيتي، وفي صبيحة يوم الغفران (يوم كيبور) التحقت بالقيادة العامة لفرقتي، وكأنني عائد إلى بيتي.

انفجرت الحرب على جبهتين، وللمرة الأولى منذ عام 1948 ، فقد قام المصريون بهجوم واسع النطاق على طول القناة، وبدأ السوريون يهاجمون بعنف وينقضون بدباباتهم على هضبة الجولان.

جمعت قادة الألوية وضباط القيادة العامة لأطلعهم على الوضع، وتابعت حشد الرجال، وقررت أن ألعب ورقة الوقت والسيطرة على آلياتي بإرسالها على جنازيرها، وأصدرت أمراً لكل سرية أن تتجه من المعسكر إلى القناة (على بعد 250 كيلو متراً) حالما تكمل استعداداتها، بعد أن حددت لهم خطوط السير ونقاط التجمع.

أخطاء تكتيكية فادحة :

دفعنا ثمن غلطنا عندما تركنا المصريين ينقلون صواريخهم (أرض جو) إلى القناة، ولم تنشر وحدات الدبابات على طول القناة، ولم يصدر أمر بإخلاء (تحصينات بارليف) فكان الناجون من الحامية يطلقون استغاثات يائسة، ولم تكن جهود الطواقم مجدية إذ قتلوا جميعاً تقريباً، وخسرنا في اليوم الأول ثلثي الثلاثمائة دبابة المتوفرة في الخطوط الأولى.

لم نحصد في اليومين الأوليين من الحرب سوى هزائم، لا نزال خلالهما أن نتذرع بأسباب مخففة: معلومات استخبارية غير كافية وغير دقيقة، تقديرات مغلوطة من وزير الدفاع موشيه دايان، أخطاء مجلس الوزراء، ثم يقول: انقلب ظهر المجن للجيش الإسرائيلي نتيجة أخطاء تكتيكية فادحة، فقد أصيب الجيش الإسرائيلي بعد 1967 بما يشبه هوس الدبابات، المرضي، فأهملت أجزاء الجيش الأخرى، وكانت الصدمة عميقة عندما لم تنهزم القوات المصرية أما الدبابات الإسرائيلية، وكانت النتيجة تلك الهزيمة الساحقة التي أطالت الحرب قرابة أسبوعين، وسببت لنا خسائر ضخمة كنا نستطيع تفاديها، ولست أبالغ قطعاً إذا أكدت أن ثقتي بقيادة الجنوب العامة أو بالأركان كانت شبه معدومة في تلك المرحلة.

معركة عبور القناة :

تأكدت من وجود ثغرة مفتوحة بين الجيش المصري الثاني في الشمال، والجيش الثالث في الجنوب، وكانت هذه الثغرة فرصة مثالية يجب عدم تفويتها، وكانت الطريق المؤدية إلى القناة مفتوحة على مصراعيها، وكنا في هذه المرحلة قادرين على تنظيم صفوفنا لعبور القناة، وبلوغ الضفة الأخرى، إلا أنهم طلبوا منا التراجع، فامتثلت للتعليمات، واعتمدت تكتيكاً دفاعياً محضاً، ولم أكن مقتنعاً بصوابية هذا التكتيك الدفاعي.
<FONT color="#ff00ff"><FONT color="#ff00ff"><FONT color="#ff00ff">تابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 10:18 am

<DIV align="center">
<FONT color="#ff00ff">
وبعد تحطم الدبابات المصرية يوم 14 تشرين أول، قررت هيئة الأركان أنه آن الأوان للتقدم، وسمحوا لنا في الليلة نفسها أن نعبر بفرقتنا من المكان الذي دخلته فرقة الاستكشاف، وكان على المظليين أن يرسوا على الضفة الغربية بقواربهم المطاطية، ويحتلوا القطاع، لإنشاء جسر بين الضفتين، حيث تعبر فرقة عسكرية القناة إلى الأرض المصرية، وتتقدم جنوباً على طول الضفة الغربية للبحيرة المرة حتى قناة السويس.

كنت في وسط الميدان، وما شعرت قط بأني معزول، وقد أرسلت المعدات والتجهيزات والوقود والدبابات إلى وجهتها، ولم أعر النداءات المسعورة التي كانت تطلقها القيادة العامة للجبهة: أنتم معزولون ! أنتم مطوقون ! وكان المصريون بحالة صدمة، وكان عليهم أن يفهموا أنهم وقعوا في الفخ.

كدت أصفع بارليف على وجهه: 

وفي مركز التنسيق بين كثبان الرمل على بعد بضعة كيلو مترات من القناة، كان بانتظاري موشيه دايان، وحاييم بارليف، ودافيد أليعازر، وأبراهام أدان، استقبلت بصمت مطلق، وبدون يد ممدودة، وأخيراً فتح بارليف فمه ليقول: الهامش كبير جداً بين ما وعدت به من فعل وما فعلته.

وعندما سمعت هذه الجملة، قلت في نفسي: إن الجواب الوحيد على ذلك هو صفع بارليف على وجهه، لقد شعرت بحاجة لا تقاوم إلى توجيه صفعة إليه، ولا أزال حتى اليوم أجهل كيف استطعت السيطرة على أعصابي.

عملية تلفزيونية:

وعندما وصف الرئيس السادات عملية العبور بأنها عملية تلفزيونية، وإخراج تم لإحداث نتيجة دراماتيكية عابرة، كان الجيش الثالث شبه مطوق، وكانت قواتي على بعد مئة كيلو متر من القاهرة، وقد بلغت أبواب الإسماعيلية.

ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ مساء 22 تشرين الأول، وحل الصمت بعد ستة عشر يوماُ من الجحيم. 





لم تتركني السياسة وشأني :

تركت كل الاهتمامات غير العسكرية عندما أعلنت التعبئة العامة، غير أن السياسة لم تتركني وشأني، وفي أثناء الحرب لمس الجميع بعدها السياسي، حتى في الأيام التي كانت فيها أرواحنا رهن نهايتها، ولم آت بجديد ولا بمستهجن في جمعي السياسة إلى القيادة العسكرية، فقد ارتقى القادة العسكريون في إسرائيل درجات السياسة كلها، لأن النظام سعى في استمرار إلى وضع ضباط ينتمون إلى حزب العمل في مناصب الجيش المرموقة، فإذا بي أقلب المعهود رأساً على عقب بصفتي رئيساً عسكرياً ورجل سياسة جاء من بين صفوف المعارضة، وسرعان ما أبدى حيالي زملائي العسكريون، وجميعهم تقريباً أعضاء فاعلون في حزب العمل، أو مشمولون برعايته تعارضاً عميقاً. 

اشتدت معارضتي لحزب العمل :

اشتدت معارضتي لحزب العمل بعد حرب أكتوبر لأن قادة الجيش أدخلوا الاعتبارات السياسية في القرارات العسكرية، فأبان الحرب كنت أعتبر سحق المصريين والسوريين أكثر الأمور إلحاحاً، باعتبار أننا سنحظى فيما بعد بمتسع من الوقت لنتجابه في الحلبة السياسية، وكنت أهاجم من كان يسعى للتقليل من أعمال فرقتي، ولم أوافق في مفاوضات جنيف حين عرض حزب العمل موقفه على أنه الحل الوحيد الممكن، ورفضت الشعار الذي طرحه في الانتخابات: من يصوت لحزب العمل يصوت للسلام.

انتخبت نائباً في قائمة الليكود:

أرجئت الانتخابات إلى 31 كانون الأول فطلب مني قادة (الليكود) أن أستعيد مكاني على رأس حملة الحزب الانتخابية، ولم أكن متشوقاً إلى مغادرة الجبهة، وكنت أفضل البقاء على رأس فرقتي، ومع أنني كنت غائباً فقد حقق (الليكود) 39 مقعداً، وكان أحد المقاعد من نصيبي، وفي نهاية كانون ثاني تركت الجيش لأقسم اليمين في البرلمان، إلا أنني قدمت استقالتي بعد أن أصدر مجلس الوزراء مرسوماً يمنع النائب من أداء مهام ضابط أعلى إحتياطي ميداني، واعتبرت هذا القرار تصفية حسب ضد شارون، ورجعت إلى المزرعة.

استولى علي شيطان السياسة:

مع اقتراب انتخابات 1977 استولى علي من جديد شيطان السياسة، فقد تصدرت عشية الانتخابات قضايا الفساد، ومخلفات حرب الغفران، وأجمع الرأي أن حزب العمل لم يعد على المستوى الذي يخوله إنجاز مثل هذه المهمة الوطنية، ولم تكن علاقاتي مع ساسة الأحزاب دافئة، وفشلت في توحيد (الليكود) ولم يكن أمامي سوى إنشاء حزبي الخاص، ودعوت الناخبين إلى الانتساب إلى حركة أطلقت عليها: (شلومتسيون) أي سلام صهيون.

فشلت في الاتفاق مع (شامير) في ضم حزب (شلومتسيون) إلى (الليكود) ومع ذلك وجه بيكن رسالة إلى الناخبين: إذا أردتم أرييل صوتوا لليكود.

وكانت النتيجة انتصار الليكود، وهزيمة حزب العمل، بعد تسعة وعشرين عاماً من السلطة، أما (شلوموتسيون) فقد أحرز مقعدين، وأصبحت إسرائيل أخيراً ثنائية الحزب.

وانصهر (شلومتسيون) في حزب (حيروت) وتسلمت حقيبة وزارة الزراعة، وإدارة شؤون الاستيطان. 
<DIV align="center"><DIV align="center"><FONT color="#ff00ff">
سياسة الاستيطان والاعمار:

كانت أولى المشكلات الموضوعة أمامي هي مشكلة المستوطنات، فقد كنت ـ قبل أن أصبح وزيراً ـ أجوب المناطق، وأضع الخطوط العريضة لمشروع يستهدف استثمار الأراضي في اليهودية والسامرة، ولم يخطر على بالي التنازل عنها لصالح الأردن، لأنهما لم تكونا يوماً أرضاً أردنية، فحكاية الاحتلال الأردني هذا كتبها دم اليهود.

وخلال اجتماع اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان، وبعد بسط خريطة كبيرة لهذه الأراضي، دعوتهم لمواجهة ثلاث مشاكل، الأولى: تتمثل في أمن الساحل الإسرائيلي الضيق الذي بات من الصعب الدفاع عنه وفقاً لحدود 1967 ، وما تشكله جبال اليهودية والسامرة التي تشرف على السهل الساحلي من خطر، وأنه لا بد من تشييد وحدات سكنية مدنية ومجموعات صناعية، على المرتفعات المشرفة على السهل الساحلي.

أما المشكلة الثانية فهي: في الحدود نفسها، فمشاكل الدفاع شرقاً تبلغ من الفداحة ما لا تبلغه في أي مكان آخر، وهذا يستلزم بناء خط من المستعمرات على طول طريق وادي الأردن، وسهل بيت شان على البحر الميت، وتشييد قرى أخرى على الروابي، وشق الطرق الشرقية الغربية، على طول المحاور الاستراتيجية. 

وتتمثل المشكلة الثالثة في القدس، والسؤال المطروح: كيف نحافظ على القدس كعاصمة للشعب اليهودي الأبدية ؟ وكيف نحافظ على أمنها، ونوفر غالبية يهودية فيها ؟

واقترح على اللجنة تشييد سلسلة من المساكن المدنية التي تحيط بالضواحي والأحياء العربية على شكل حدوة حصان.

ووافق الوزراء على مشروع الاستيطان الأساسي، وبدأت الجرافات تشق الطرقات، وتعد أماكن القرى، وتلقيت الضوء الأخضر لبناء ثلاث مستوطنات كل شهر، ونزل شبان (غوش ايمونيم) أو كتلة الإيمان معترك العمل.

لقد كانت سياسة الاستيطان والاعمار التي اقترحتها وأنا أشغل منصب وزارة الزراعة مستوحاة من مبدأين: الدفاع عن تجمعات البلاد السكنية، وضمان حق اليهود في العيش داخل حدود إسرائيل التاريخية.
<DIV align="center">
<FONT color="#ff00ff">ضرب المفاعل النووي العراقي : 

كم رغبنا أنا وزوجتي (ليلي) في تمديد إقامتنا في وادي الملوك الزاخر بآثار فنية تركها الفراعنة، بعد مشاهدة معبد الكرنك بأعمدته المذهلة وكتاباته التي تروي قصة الحملة التي شنها الفرعون لمعاقبة مملكتي إسرائيل ويهوذا في عهد (رحبعهام بن سليمان)، فالكتابات الهيروغليفية تحكي القصة نفسها كما ترويها التوراة، وتذكر أسماء المدن الإسرائيلية التي استولى عليها المصريون، ولكن لا مناص من العودة.

فالحكومة الإسرائيلية قررت شن غارة نهار الأحد على المفاعل النووي (أوزيراك) الذي كان لا يزال في طور الإنشاء في محيط بغداد، فعبرت النفق الجديد الذي بناه المصريون حديثاً شمال مدينة السويس، هذا الإنجاز التقني الذي بعث الفخر في نفس السادات الذي أصر على أن أراه بنفسي.

وكان الوقت يمر بسرعة قبل شن الهجوم على المفاعل العراقي، بينما كانت الاستعدادات للقاء القمة بين بيغن والسادات في العريش تجري ببطء، أي قبل ثلاثة أيام فقط من التاريخ المحدد للعملية. 

فقد قررت الحكومة بعد مناقشات مطولة تدمير المفاعل قبل احتدام نشاطه، وكنت أعتبر بعض أعمال جيراننا غير المقبولة لدى إسرائيل خطوطاً حمراء، وحيازة الدول العربية للأسلحة النووية خط من هذه الخطوط، وكنت أرفض منطق توازن الرعب النووي.

وفي قاعة مجلس الوزراء بمبنى الكنيست قلت لهم: علينا تدمير المفاعل النووي بكل ما أوتينا من قوة نار، إنها مسألة حيوية بالنسبة إلى إسرائيل.

وبعد ظهر الأحد 7حزيران 1980 أقلعت طائرة إف 15 وإف 16 من قواعدها في (أتسيون)، وبعد مضي قرابة نصف ساعة وفيما أصبحت الحدود العراقية على مرأى منها، عقدت الحكومة اجتماعاً في مسكن بيغن، وبينما كانت إمارات التوتر ترتسم على الوجوه، ولا سيما وجه بيغن، زف إلينا بالهاتف (رفول إيتن) نبأ النجاح الباهر الذي أحرزته العملية.

ثورة السفرديم : 

خرج الليكود في انتخابات 1981 منتصراً على حزب العمل بفارق طفيف، ويتمثل العامل الأهم وراء هذا الفوز في نظر شارون بالثورة الثانية التي شهدها المجتمع الإسرائيلي خلال سنوات حكم بيغن الأربع، ألا وهي (ثورة السفرديم) فقد أحس شعب السفرديم الشرقيين أنه أوشك على تحقيق المساواة مع مجتمع (الأشكيناز)، ووجدوا أنفسهم يستفيدون من منافع ويتمتعون بفرص لم يعهدوها من قبل، وفيما راح حزب العمل يتقدم في السن ظهر قادة شبان في صفوف الليكود، تحدروا عموماً من السفرديم.
<FONT color="#ff00ff"><FONT color="#ff00ff"><STRONG>محوت مدينة ياميت :

في إطار جلائنا عن سيناء بعد (اتفاقية كامب ديفد)، قبلنا إعادة تجمعاتنا السكنية فيها إلى المصريين، إضافة إلى مدينتي (أوفيرا) و(ياميت)، وكنت أدرك مدى التضحيات التي قدمتها العائلات عندما وافقت على السكن في هذه الأماكن المقفرة، ومدى الاضطراب النفسي الذي سيصيبها بعد قرار نقل سكانها، وعندما أنيط بي تنفيذ القرار تجرعت الكأس المرة. 

وعرف سكان ياميت الحدودية أسوأ أيامهم، وكان يبلغ عددهم بضعة آلاف، وكانت البنى التحتية التي أنشأناها تلبي حاجات سكان يبلغ عددهم مئة ألف شخص، وكان يطالعك هناك كل ما هو ضروري لجعل الصحراء قابلة للسكن.

ولم تكن مصر أو إسرائيل ترغب في وقوع احتكاكات أو نزاعات حدودية بعد عقد اتفاقية السلام، فاقترحت في مجلس الوزراء تدمير مدينة (ياميت) بكل ما فيها من تجمعات تجارية أو صناعية، بدلاً من التخلي عنها للمصريين، وعندما لم أتلق معارضة باشرت التنفيذ فوراً، بعد إخلاء سكانها، ومحوتها حتى أصبحت رمالاً.

عارضت مشروع الحكم الذاتي:

عندما عرض (بيغن) على مجلس الوزراء مشروع الحكم الذاتي أشرت إلى الأخطار التي يتضمنها هذا المشروع، فهو قد يصبح في نظر الفلسطينيين وعد بلفور، وقد يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية ثانية (إضافة إلى الأردن).

تدابير احترازية:

علمتنا خبرتنا التاريخية أن التأصل في الأرض وحده قادر على تأمين حقوقنا، ففي اليهودية والسامرة لا تعني المستعمرات مشاريع زراعية، فالأرض الجبلية والصخرية في هذه المناطق لا تلائم مثل هذه المشاريع، علينا إذن بناء مجمعات سكنية مدنية ومناطق صناعية، ولا بد من العيش في هذه المرتفعات كأول تدبير احترازي.

أما التدبير الثاني فيتناول مسؤولية إسرائيل الحصرية في ضمان الأمن الداخلي وذلك بضمان حرية التنقل المطلقة للقبض على الإرهابيين، وضمان الأمن الخارجي لهذه الأراضي بأن تشغل القوات الإسرائيلية خط القمم المطلة على المنطقة ابتداءً من الضفة الغربية لنهر الأردن، وحظر دخول الشرطة أو رجال الحكومة الأردنيين أو المصريين.

تفسير مشروع الحكم الذاتي:

فسر مشروع الحكم الذاتي تفسيرين مختلفين: فالعرب رأوا في الحكم الذاتي مرحلة ستؤدي لا محالة إلى إقامة دولة فلسطينية ثانية، أما تفسير اليهود فكان ممنوحاً وبصراحة وبوجه خاص إلى سكان اليهودية والسامرة وغزة، فنحن لم نقبل قط بمنح الأراضي سيادتها، وفي حين يعتبر العرب أن الأردن وفلسطينيي الضفة الغربية وغزة يجسدون السلطة القانونية التابعة للحكومة المحلية، كنا نعتبر أن الإدارة المدنية الإسرائيلية وحدها تمثل قوة القانون، حتى وإن سحبت قواتها من هذه الأراضي.
تابع


عدل سابقا من قبل coco في الخميس مارس 19, 2009 10:21 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالخميس مارس 19, 2009 10:19 am

أنا والنميري والفلاشا : 

التقيت النميري لأول مرة في أيلول 1981 بعد اغتيال السادات على يد مجموعة من المسلمين المتزمتين، فجاء القادة والرؤساء العرب إلى القاهرة ليشيعوا هذا السياسي العظيم، وكان يمثل إسرائيل وفد ضخم تألف من رئيس الوزراء (مناحيم بيغن) ووزراء الحكومة المصغرة، وما لبثت الوفود أن اختلطت وفق الميول والمصالح، من جهتي وجدتني بالقرب من النميري ذلك السوداني ذي السيماء المتجهمة.

وبعد زيارتي لكينيا، كانت السودان محطتي التالية، وخلال حديث لي مع الرئيس السوداني شارك فيه يعقوب نمرودي، وعدنان قاشقجي، وجدت النميري طيب المعشر شديد التهذيب، وفي ذلك اليوم دارت مناقشاتنا حول موضوع آخر كان يتعلق بوجه خاص بالسودان وإسرائيل، وهو في نظري أهم الموضوعات المعالجة، ألا وهو نقل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل، وتساءلت هل هو مستعد ليسمح لهم بالرحيل جواً من الخرطوم ؟

كنت أعرف أننا لن نتمكن من إخراج 28 ألف فلاشا، ولكن قد نتمكن من إخراج عدة آلاف، المهم أننا في غضون سبع سنين (1978 ـ 1884) نقلنا إلى إسرائيل ثمانية آلاف يهودي أثيوبي، فيما بعد قامت عملية أخرى ساهمت فيها الولايات المتحدة، فجاء على إثرها ثمانية آلاف يهودي إلى إسرائيل، وعلى رغم الشكوك والمخاوف التي انتابتنا، اندمج الفلاشا في المجتمع الإسرائيلي ليشكلوا عنصراً منتجاً وإيجابياً. 

خطة أورانيم أو سلام الجليل:

راجعت الخطط العسكرية التي وضعت بعد عملية الليطاني، وعلى غرار كل خطه عسكرية هدفت خطة أورانيم إلى أقصى الطموحات، فتمثل هدفها النهائي بإبادة المراكز العملياتية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهدم بنيتها التحتية على امتداد لبنان، بما في ذلك بيروت، لكن خطة أورانيم حددت سلسلة أهداف وسيطة، وبعد تنقيح الخطة في تشرين الثاني 1981 أصبحت تشمل الأهداف التالية: إزالة خطر الإرهابيين كلياً، وتحييد السوريين، ووضع التجمعات السكنية في شمال إسرائيل خارج مرمى المدفعية، وعدم التعرض للشيعة والدروز والمسيحيين، والانسحاب بعد تحقيق الأهداف، ولا يتمثل هدف العملية بضمان سيادة الحكومة اللبنانية على كامل أراضيها، وتشكل العلاقة مع المنطقة المسيحية في الشمال الشرقي شرطاً ضرورياً لبلوغ الأهداف المذكورة أعلاه.

لقائي ببشير الجميل : 

تلقيت من بشير الجميل دعوة شخصية للمجيء إلى لبنان، وحدد موعد الزيارة في مطلع كانون الثاني 1982 ، وقمنا بتنظيم جدول الرحلة بأدق التفاصيل، وكانت الطائرة المروحية التي أقلعت بنا من تل أبيب تحت جنح الظلام الوسيلة الفضلى للوصول إلى جونية،

وبعد عشاء فاخر في أحد منازل جونية، قمنا بجولة سريعة في بيروت، وقمت في اليوم التالي بزيارة مركز قيادة القوات المسيحية اللبنانية في القطاع الشمالي من مرفأ بيروت، وبلغنا قمم الجبال في (بيت مري) وصنين وتوقفنا في بكفيا، ثم عدنا إلى مسكن بشير بحي الأشرفية ببيروت، حيث كان باستقبالنا زوجة بشير، ووالده بيار، وكميل شمعون، رئيس الجمهورية السابق، وكان أحد أفراد الموساد المرافقين يترجم الحديث من الفرنسية إلى العبرية. 

بعد عودتي قدمت لبيغن وللحكومة المصغرة تقريراً عن زيارتي، واصفاً المواضيع المعالجة بأدق تفاصيلها، وعارضاً انطباعاتي حول مواطن القوة ومواطن الضعف الكامنة عند المسيحيين.

عملية سلام الجليل:

اعتمد مجلس الوزراء الإسرائيلي في جلسته خطة أورانيم كما قدمت، وصدر الأمر رقم واحد عن هيئة الأركان والمتعلق بهذه العملية: على الجيش الاستعداد لتنفيذ كافة مراحل أورانيم.

وارتكزت استراتيجيتنا على إرسال سلسلة من الرسائل الواضحة جداً إلى السوريين، شارحين فيها نيتنا في عدم التعرض لهم، ومحددين الهدف الذي نطمح إليه، ألا وهو إقصاء قوات منظمة التحرير الفلسطينية المختبئة في قطاعهم حتى مسافة أربعين كيلو متراً من مواقعها الحالية. 

نهار 6 حزيران تقدمنا باتجاه الأراضي اللبنانية على ثلاثة محاور. 

المحور الغربي: زحفت دباباتنا على طول الساحل نحو صور. 

المحور الأوسط: توجهت قواتنا من المطلة إلى النبطية وقلعة شقيف.

المحور الشرقي: تقدم جيش الدفاع الإسرائيلي نحو حاصبيا.

وفي اليوم التالي وصل (فيليب حبيب) مبعوث الرئيس (ريغن) إلى القدس، فكلفته حكومة (بيغن) السعي لدى الرئيس السوري ليفرض وقف القصف المدفعي الذي تمارسه المناطق الواقعة تحت سيطرة السوريين، والمطالبة بانسحاب فوري إلى ما وراء مرمى مدفعية منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي 8 حزيران تقدمت قواتنا على طول الساحل مخلفة وراءها (الدامور)، ثم أخذت الشمال الشرقي في اتجاه (عاليه)، في مسعى لقطع طريق بيروت ـ دمشق في وجه السوريين، أما القطاع الأوسط فقد شهد معركة بين قواتنا والقوات السورية الفلسطينية المتحالفة التي أخذت تدافع عن (جزين)، ووافقت الحكومة على فتح محور ثالث في اتجاه الشمال للهجوم على السوريين من الخلف، وإجبارهم على إخلاء (البقاع)، وفي المساء أدخل السوريون ست منصات إطلاق صواريخ سام 6 ووضعوا الفرقة الثالثة في حالة استعداد.

بقيت رسائلنا من دون إجابة، وحينئذ أصدرت إلى رئيس الأركان ظهر يوم 9 حزيران أمراً يقضي بتدمير الصواريخ السورية، وفي اليوم التالي اقتحمت القوات الإسرائيلية الخطوط السورية في البقاع.

وفي نهاية اجتماع 11 حزيران وافقت الحكومة على قرار وقف إطلاق النار، وورد في نص القرار: حقق الجيش الإسرائيلي المهمة التي كلف القيام بها، وبدءاً من هذه الساعة ستوقف القوات الإسرائيلية إطلاق النار على كافة الجبهات، إلا إذا تعرضت لنيران تلك الجبهات.

وعرفت مواقع منظمة التحرير جنوب بيروت وغربها هدنة قصيرة سرعان ما تبعتها رشقات كثيفة وطلقات صاروخية، وبعد الظهر أصدر (رفول إيتان) أمراً بشن هجوم مكثف على مواقع منظمة التحرير، واستأنفت وحدات القطاع الغربي تقدمها.

وفي صباح اليوم التالي اتجه أحد الطوابير شمالاً شرقاً إلى (عاليه)، في حين احتل طابور آخر (خلدة)، وأعلمت منظمة التحرير رئيس الوزراء اللبناني بأنها ستقبل وقف إطلاق النار، وشهدت (بعبدا) أول اتصال بين وحداتنا والقوات المسيحية، وبفضل هذا الالتحام أصبحت بيروت محاصرة، وبدأ (فيليب حبيب) الضغط لفك اشتباك القوات.

وأصدرت أمراً إلى الجيش لتحسين مواقعه، واحترام وقف إطلاق النار، والتقدم فقط في اتجاه الأماكن الحيوية التي يمكننا الاستيلاء عليها من دون خرق الاتفاق.

وفي 24 حزيران وافق مجلس الوزراء على اقتراحي المتضمن شن هجوم يرسخ وجودنا على طريق بيروت ـ دمشق، فقمت بتنفيذ الهجوم في اليوم نفسه، وتمركزت قواتنا في وسط البلاد الاستراتيجي.

رحيل عرفات ورجاله عن بيروت:

رفضت اقتراح (فيليب حبيب) الداعي إلى نزع سلاح رجال منظمة التحرير، وجعلها منظمة سياسية، قائلا: عليهم أن يرحلوا وإلا سيصار إلى تصفيتهم، فنحن لم يعد في استطاعتنا تقبل عدم رحيلهم، وفي وسعنا تصفيتهم من دون الدخول إلى بيروت.

وما دامت المفاوضات التي يديرها الأمريكيون تراوح مكانها، فلم يبق أمامنا سوى خيار دخول بيروت وتصفية الإرهابيين، أو إخضاع الضاحية الجنوبية التي احتلتها منظمة التحرير، أو سيطرة الجيش الإسرائيلي على الأراضي المكشوفة المحيطة بالضاحيتين. 

واقترحت في مجلس الوزراء عملية تعزل أولاً أحياء صبرا وشاتيلا والفاكهاني، عن سائر المدينة، وعندما يتحقق هذا الفصل ستتمكن قواتنا من احتلال ميدان الخيل، ومنطقة حرج بيروت، فقررت الحكومة اعتماد الخطة المقترحة. 

واتفق مجلس الوزراء على الآتي: في حال خرق الإرهابيون وقف إطلاق النار سيرد جيش الدفاع الإسرائيلي براً وبحراً وجواً.

ولم يمض وقت طويل على هذا التصريح حتى خرقت منظمة التحرير وقف إطلاق النار، فجاء الرد الإسرائيلي قاسياً، واحتلت قواتنا المطار وتقدمت شمالاً، وقام الجيش الإسرائيلي بشن هجوم واسع النطاق، أثار عاصفة داخل الحكومة، وانتقاداً قاسياً من الرئيس الأمريكي (ريغن) 

ويتابع شارون تطور الأحداث فيقول: وفي ليلة 25 حزيران استخدم (فيليب حبيب) السوط الذي كان بين يديه منذ بضعة أسابيع: وجه إنذاراً إلى منظمة التحرير الفلسطينية قائلاً: على منظمة الرحيل قبول الرحيل عن الأماكن الآن، من دون إقامة منطقة عازلة، ومن دون حماية القوة المتعددة الجنسيات.

وأدرك عرفات أنها كانت النهاية، عندما وجد نفسه أمام احتمال بدا وكأنه تصفية وشيكة الحصول، انهار وقرر في الليلة عينها الرحيل مع كافة أتباعه.

مقتل الجميل قبل محادثات السلام:

وفي 23 آب انتخب مجلس النواب اللبناني بشير الجميل رئيساً للجمهورية، وهو حدث كنا نرجوه من دون أن نكون متأكدين منه، وقمت في شهر أيلول برحلات كثيرة إلى لبنان، ولقيت فيه ترحيباً حاراً، وخلال محادثاتنا مع الرئيس بشير تطرقنا إلى العلاقات المقبلة بين لبنان وإسرائيل، وتلاقت وجهات نظرنا حول هذا الموضوع، وتم الاتفاق على البدء بمفاوضات مباشرة في أسرع وقت ممكن، وشرعنا في درس طبيعة اتفاقية السلام التي نصبو إليها، إلا أن اللقاء المقرر انعقاده لم يتم بسبب الانفجار الذي أودى بحياة الرئيس بشير الجميل في 14 أيلول.

مجزرة صبرا وشاتيلا : 

كان حل مشكلة بيروت الغربية مهمة صعبة بعد موت الرئيس بشير، فقد أفلح عرفات في نقض بنود الاتفاق عندما بقيت أعداد من رجال المنظمة في بيروت، ولم يسلم أعضاء المنظمة المغادرين ما بحوزتهم إلى الجيش اللبناني، وأعطوا جزءاً من أسلحتهم الثقيلة إلى حلفائهم، في حين خبأوا الجزء الآخر في المستودعات.

وبعد أن اطلعنا على التقارير الواردة من بيروت اعتمدنا قراراً يقضي بأن تسيطر القوات الإسرائيلية على بيروت الغربية، وترابط في النقاط الرئيسية، وفي الضواحي، لكنها لن تدخل الضواحي، وطلبت من المسيحيين أن يلعبوا دوراً رئيسياً في حال اندلعت المعارك في بيروت، فنحن لا نريد أن تتكبد قواتنا خسائر في حرب الشوارع، أما البحث عن الإرهابيين فسيكون أكثر فاعلية إذا قام به لبنانيون يتكلمون اللغة العربية، لذا كانت القوات اللبنانية مدعوة إلى دخول بيروت الغربية إلى جانب جيش الدفاع الإسرائيلي. 

وفي 15 أيلول طرت إلى بيروت، حيث لقيت (رفول إيتان) الذي قال لي أنه تحدث مع قادة القوات اللبنانية، ونسق معهم مشاركتهم في الدخول إلى ضواحي صبرا وشاتيلا، فقد تلقوا أمراً بإعداد تفاصيل عملياتهم مع الجنرال (أميردروري) قائد الجبهة الشمالية.

وفي مساء اليوم التالي دخل الكتائبيون إلى صبرا وشاتيلا، لكنني لم أفاجأ لدى سماعي خبر سقوط قتلى، لكن (إيتان) قال: لقد ذهبوا بعيداً.

ونقلت الصحافة عن شهود عيان صور المجزرة التي شاهدوها، وكنت أعرف الذين تورطوا في المجزرة، واتضح لي أن ما حدث في صبرا وشاتيلا قد تجاوز المجزرة الطارئة، وتعالت صيحات الاحتجاج، وخرجت المظاهرات تنادي (شارون روتزياخ) أي شارون السفاح، وتداخلت هذه الصيحات مع صيحات أنصاري (أريك ! أريك ! أريك ! ).

يقول (دايفد شانوف) الذي حرر هذه المذكرات مع (أرييل شارون) باللغة العبرية: لقد حظيت بتعاون واسع من بعض الإسرائيليين لدى تحريري هذا الكتاب.وقام بترجمة هذه المذكرات إلى اللغة الفرنسية (غبريال روث)، وقام الاستاذ أنطوان عبيد بترجمة النص الفرنسي إلى العربية مشكوراً.صدرت الطبعة الأولى للكتاب في بيروت عن مكتبة بيسان عام 1992، ويقع الكتاب في 766 صفحة من الحجم العادي. نرجو أن تكون الصورة التي رسمها (أرييل شارون) بقلمه في هذه المذكرات قد وصلت إلى القراء الأعزاء، وأن يكونوا قد استوعبوا ما بين سطور هذا العرض الوجيز من دروس وعبر، والحمد لله رب العالمين.(تمت)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
MaAaLaAaK
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
MaAaLaAaK


انثى عدد الرسائل : 696
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Collec10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 641
تاريخ التسجيل : 22/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالجمعة مارس 20, 2009 1:44 pm

تسلم كتير كوكو على الموضوع والمجهود الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
memo
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
memo


ذكر عدد الرسائل : 541
العمر : 34
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Collec10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 491
تاريخ التسجيل : 14/03/2009

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالجمعة مارس 20, 2009 2:15 pm

مشكوووووووور على الموضوع بس لسه مكملتش قراءه
تسلم ايدك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دموع الورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
مـ،،ـؤسـ،،ـس دمـ،،ـوع الـ،،ـورد
دموع الورد


ذكر عدد الرسائل : 368
بلاد الاعضاء : قراءة في مذكرات أرييل شارون Female31
المهن : قراءة في مذكرات أرييل شارون Studen10
السٌّمعَة : 0
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 12/07/2008

قراءة في مذكرات أرييل شارون Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراءة في مذكرات أرييل شارون   قراءة في مذكرات أرييل شارون Icon_minitimeالجمعة مارس 20, 2009 3:38 pm

يسلموووووووووووووو ملاك وميموو علي مروركم الجميلودمتم في حفظ الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dmo3.rigala.net/
 
قراءة في مذكرات أرييل شارون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دردشة ومنتديات دموع الورد  :: منتدى عام-
انتقل الى: